الكفاح اللاعنفي|قوة التغيير

الكفاح اللاعنفي|قوة التغيير

الكفاح اللاعنفي|قوة التغيير

إعداد: آثار الحسين

مقدمة في الكفاح اللاعنفي :

العنف يؤذي هؤلاء الذين تمت أذيتهم من قبل …ويبرر وحشية الظالم بدلا من أن يفضحها

” سيزار شافير “

مما لا شك فيه أننا عندما نتطرق إلى موضوع “العنف” نذكر أكتر القضايا المعقدة والخطيرة التي تؤثر على الفرد والمجتمع ككل، هذه القضية التي دائماً ما تشكل محور نقاش متعدد الأوجه، حول ما إذا كان العنف ضرورياً أم لا، كونه وسيلة للدفاع عن النفس في بعض الأحيان.

ولكن ضمن هذا البحث سنقوم بمناقشة الوجه الآخر الإيجابي للدفاع عن النفس والمجتمع، والمتمثل في “ثقافة اللاعنف والكفاح اللاعنفي والذي يعتبر ثمرة التقدم في تحقيق التغيير، فهو هو قوة تغيير حقيقية، أثبتت فعاليتها في تحقيق العدالة الاجتماعية في جميع أنحاء العالم. وهو ما سنبينه من خلال المحاور التالية :

المحور الأول: تعريف اللاعنف والكفاح اللاعنفي والوسائل المستخدمة فيه (أعمال اللاعنف):

اللاعنف سلوك مسالم هادئ، يجنح نحو التفاهم والود والانسجام مع الاخرين، يتجنب الثوة والصدام مع المناوئين والخصوم حتى لو كلف ذلك بعض الخسائر المادية والاعتبارية للطرف الذي يتوخى التهدئة والسلام.

وهو سلوك لا ينطوي الى حب من يحبوننا فقط، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث إنه يبدأ من اللحظة التي نشرع فيها في حب من يكرهوننا، وبالتالي هو سلوك عقلاني يهدف إلى تفادي الصراع مع طرف معين، أو أطراف محددة بغية إحلال السلام والوئام والانسجام.

اللاعنف ليس للجبناء انه للشجعان الجسورين ….. غاندي

وعليه فإن الكفاح اللاعنفي هو بديل لموقفين هما؛ الرضوخ والانصياع السلبي من جهة، والكفاح أو الصدام المسلح من جهة أخرى. وهو وسيلة من وسائل العمل الاجتماعي السياسي، تعتمد على استخدام العديد من وسائل العمل النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، دون استخدام العنف الجسدي.

يمكنك أيضا قراءة:  مقدمة في اللاعنف والكفاح السلمي على موقعنا.

اي هو رفض العنف، واستخدام أساليب سلمية بدلا عنه لتحقيق التغيير الاجتماعي. ويشمل ذلك مجموعة متنوعة من الوسائل مثل:

  • الاحتجاجات: وهي تعبيرات علنية عن الرفض أو الاحتجاج.
  • العصيان المدني: وهو رفض القوانين أو السياسات الظالمة.

 

  • المقاطعة: وهي الامتناع عن شراء أو استخدام منتجات أو خدمات من شركة أو منظمة معينة.
  • الإضراب: وهو رفض العمل من أجل تحقيق هدف معين.

وكما قال” جين شارب”:

أعمال اللاعنف هي وسائل مواجهة، مثلها مثل الحرب، فهي تشمل على مواجهة القوات بالند، وشنِّ” المعارك ” وتتطلب استراتيجيات حكيمة وتكتيك، وتتطلب الشجاعة والانضباط والتضحية من” جنودها “.

هذه النظرة إلى أعمال اللاعنف كتقنية لمواجهة أنشطة تتعارض كليا مع الافتراض الشائع، بأن اللاعنف النشط يعتمد على إقناع الخصم باستخدام العقل وأنه (اللاعنف النشط) يتكون ببساطة من الاستسلام السلبي.

المحور الثاني: نشأة وتاريخ الكفاح اللاعنفي وبعض الامثلة التي حققت نجاحا عبر التاريخ:

يعود تاريخ هذا إلى آلاف السنين.

فبالعودة إلى العصر الروماني نجد العديد من الأمثلة له، ففي عام 494 قبل الميلاد، ثارت الجماهير في الدولة الرومانية القديمة على القناصة الذين كانوا يحكمونهم، ولم تلجأ الجماهير إلى قتل القناصة بهدف رد المظالم، بل انسحبوا من المدينة إلى تل سمي “الجبل المقدس” وظلوا هناك عدة أيام، رافضين المشاركة في الحياة المدنية حتى تم إصلاح الأوضاع والموافقة على مطالبهم.

وفي حادثة مشابهة عاد الجيش الروماني عام 258 قبل الميلاد بقيادة “تيودور مومسين” من ميدان المعركة، ليجد الاقتراحات التي قدمت من أجل إجراء العديد من الإصلاحات قد تمت عرقلتها في مجلس الشيوخ، وبدلاً من استخدام الحرب العسكرية، تقدم الجيش واحتل “الجبل المقدس” وهدد بإقامة روما جديدة بديلة لروما، وعلى أثر هذه الحادثة تراجع الشيوخ ووافقوا على الإصلاحات.

وقد كان الفيلسوف الأميركي هنري دايفيدثورو أول من ابتكر مصطلح العصيان المدني، وذلك في مقال نشر عام 1849 وقد كتبه عقب امتناعه عن دفع ضرائب الحرب، احتجاجا على العبودية والقمع والاضطهاد، والحرب التي كانت تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية ضد المكسيك.

ولجأ ” كارل ماركس” إلى هذه الفكرة أيضاً حيث حاول أن ينظم حملة لإقناع الأوربيين بعدم دفع الضرائب خلال الثورة التي اجتاحت أوربا عام 1848.

وكذلك استخدم العديد من المصلحين الدينيين والفلاسفة هذا المبدأ ، بما في ذلك بوذا وكونفوشيوس وسقراط.

ولكن كان المهاتما غاندي أول من طور اللاعنف كاستراتيجية ناجحة لتحقيق التغيير الاجتماعي. حتى اعتبر مؤسس حركة اللاعنف في العصور الحديثة ، من خلال حركاته وكتاباته والتي كانت قد الهمت نشطاء لا عنيفين أخرين لذلك سمي “صاحب اللاعنف ” وقد قاد غاندي حركة الاستقلال الهندية من خلال هذا النوع من الكفاح، والذي أثمر استقلال الهند عن بريطانيا عام 1947.

غاندي و الكفاح اللاعنفي

وبعد غاندي، استخدم العديد من المصلحين اللاعنف لتحقيق أهدافهم، بما في ذلك مارتن لوثر كينغ جونيور، الذي قاد حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، ونيلسون مانديلا، الذي قاد حركة إنهاء الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

بعض الأمثلة:

هناك العديد من الأمثلة على الكفاح اللاعنفي الذي حقق نجاحًا. ومن هذه الأمثلة:

  • حركة الاستقلال الهندية بقيادة غاندي.
  • حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة بقيادة مارتن لوثر كينغ جونيور.
  • حركة إنهاء الفصل العنصري في جنوب إفريقيا بقيادة نيلسون مانديلا.
  • حركة السلام في جميع أنحاء العالم.
  • حركة حماية البيئة في جميع أنحاء العالم.

المحور الثالث: أهمية الكفاح اللاعنفي والأسس الذي يعتمد عليها:

يُظهر التحليل الذي يغطي الفترة ما بين عام 1970 و2005 أن 67 تحولا من نظام استبدادي نحو حكومة ديمقراطية قد حدثت عبر العالم.

50 حالة من أصل 67 من هذه التحولات اعتمدت بشكل أساسي على استراتيجيات لاعنفية وعلى العصيان المدني.

ويوضح الجدول العديد من الحالات التي نجح فيها هذا الكفاح نجاحاً كلياً أو جزئياً.

من مميزات الكفاح اللاعنفي:

  • ينتج عنه تغيير أكثر استقرارا من التدخل العنيف.
  • يغير الكفاح اللاعنفي الطريقة التي ينظر فيها المشاركون إلى أنفسهم.
  • عموم الناس لا تتجاوب مع فكرة العنف، فتخسر الحركات العنيفة التأييد الشعبي.

أما فيما يخص الأسس الذي يعتمد عليها الكفاح اللاعنفي فمنها:

  • مقاومة لا احتجاج
  • الفوز بالطرف الثالث
  • مسارين للنضال البارد والساخن
  • العلنية

“هذه المقاطعة يجب الا تكون سرية أو في الخفاء وليس بالضرورة أن نلبسها ثوب حرب العصابات. بل يجب أن تكون علنية وأن تقوم بها جماهير كثيرة دون لجوء لأي عنف ” …مارتن لوثر كينغ

الالتزام بمبدأ اللاعنف

الخاتمة:

ختاما يمكننا اعتبار الكفاح اللاعنفي قوة يمكن أن تغير العالم. وهو خيار متاح للجميع، ويمكن أن يساعد في تحقيق مجتمع أكثر عدالة وسلامًا.

وكما قال غاندي:

بوسعي القول إن العالم إذا كان عليه أن يصل إلى السلام فاللاعنف هي الوسيلة الى تلك الخاتمة وليس هناك من وسيلة غيرها.

المراجع:

  • الكفاح اللاعنفي وكسب التأييد (مادة تدريبية)
  • مقال للإعلامي فيصل عابدون. موقع الخليج 31 يناير 2019
  • غاندي، إم كيه (1927). اللاعنف في السلام والحرب. أحمد أباد، الهند: دار نافاجيفان للنشر
  • كينغ، مارتن لوثر جونيور (1963). رسالة من سجن برمنغهام
  • روزنبرج (2003). التواصل اللاعنفي : لغة الحياة. إنسينيتاس، كاليفورنيا: دار بادلدانسر

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Email

Add New Playlist