خصوصية النساء في المخيمات
حبيبة العمري – ريف حلب الشمالي
“الخيمة للفضيحة وحدة بوحدة”
هكذا بدأت “حنان” ذات الـ23 عاماً والمتزوجة قبل أسبوع واحد من وصولها للمخيم، حديثها عن خصوصية النساء في المخيمات، مضيفة”:
“لا خصوصية للمرأة في المخيم، فكل شيءٍ منتهَك، وإذا أرادت الذهاب للحمام فكل من في المخيم يعرف وجهتها”.
نظرت حنان بعينيها بعيداً وهي تستجلب ذكرى مريرة عاشتها في أول أيام زواجها في المخيم قبل خمسة أعوام، حين كانت عروساً بين جدران خيمة، “خرجتُ من الغوطة الشرقية ربيعَ عام 2018، ونزلنا مخيماً تتشابه الخيم إذ تكاد لا تميز خيمةً من سواها لون ولا رقم ولا هيئة، كثير من الناس كانوا يدخلون خيمة غير مخصصة لهم عن طريق الخطأ، لهذا كان زوجي لا يفارق باب خيمتي أثناء وجودي فيها خشية أن يدخل أحد، كذلك كنت أحرس الخيمة إذا أراد الاستحمام في (طشت) خصصناه للحمام داخلها”.
خصوصية النساء في المخيمات
تداخل حياة الأسر في المخيم:
قربُ الخيام من بعضها وعدم وجود ساتر يستر بما يكفي يعرّض النساء للكثير من الحرج. هذا ما أشارت إليه حنان بالقول: “رغم أنّ جارتي محجّبة لكنّها بدت لي بوضوح وهي تمشط شعرها ليلاً من خلال جدار الخيمة القماشي، فالضوء بالداخل يكشف
كل شيء للخارج”، تنقّلت حنان خلال ثمانية أشهر في عدة مخيمات بين جرابلس وعفرين بريف حلب قبل أن يستطيع زوجها استئجار منزل.
آلاف العائلات السورية اضطرت للنزوح قسراً عن بلداتها من مختلف المحافظات السورية، وكانت الخيمة مصيرهم جميعاً بسبب الفقر وعدم القدرة على استئجار أو شراء منزل.
تقول هدى، ذات الـ25 عاماً، لمنصة سوريات:”حين وصلنا إلى المخيم عام 2016 من ريف مدينة دير الزور كنا نحو سبع عائلات، ولم تُخصص لنا سوى خيمتين في مخيم بريف حلب، واحدة للعرسان الجدد يتبادلونها كل يوم، وأخرى عشنا بها خمس عائلات رجالاً ونساءً، كنا نجد حرجاً كبيراً في كل تفاصيل الحياة حتى في النوم”.
انعدام الأمان
تتكفل منظمات المجتمع المدني الإغاثية بالمخيمات، فتوزع الطعام والماء والفحم للتدفئة ومواد النظافة على قاطنيها، مما يضطر الرجال والنساء للوقوف في طوابير منفصلة محاذية لبعضها، للحصول على حصصهم، وفي هذه الطوابير تشعر النساء بالقلق نتيجة مزاحمة الرجال أو الخوف من حدوث أي تحرش” حسب ما قالت علا مسؤولة المراقبة والتقييم في إحدى المنظمات المحلية في مدينة الباب، لمنصة سوريات.
أعداد قاطني المخيمات
لا يمكن الحصول على أرقام دقيقة للمخيمات بسبب استمرار ازديادها مع موجات النزوح ونقص أجزاء منها أثناء الهدوء النسبي، ما يدفع بعض العائلات للبحث عن طريقة ما للاستقرار، لكن مع ذلك ما تزال آلاف الخيم وملايين العائلات تعيش فيها في سوريا ودول الجوار مع تفاوت في معيشة بين كل مخيم وآخر.
في شمالي غرب سوريا يوجد ما يقارب 1500 خيمة، يقطنها أكثر من مليون ونصف المليون نسمة، ويبلغ عدد العائلات فيها حوالي 330 ألف عائلة، أكثر من نصفهم من الأطفال، وتبلغ نسبة النساء فيها 23% بحسب بيان لـ منسقي استجابة سوريا تم إصداره في أواخر حزيران 2022.
افتقار بعض المخيمات لا سيما العشوائية منها إلى المرافق العامة يزيد من صعوبة تعايش النساء مع الوضع فيها، وتضطر النساء في غالب الأوقات للمشي مسافة كبيرة للوصول إلى مكان مخصص لقضاء الحاجة أو الاستحمام، وتلجأ بعضهنً لتجميع أنفسهن بأعداد للتوجه للحمام أو تحديد عدد مرات ذهابهن في اليوم، أو صنع حفر فنية قرب الخيمة بأيديهن، بحسب الموظفة علا.
خصوصية النساء في المخيمات
هدى المهجرة من ريف مدينة دير الزور، تقول ان أكبر هموم المرأة في المخيم تكون فترة الدورة الشهرية و اضطرارها لاستخدام الحمام مرات عديدة في اليوم للمحافظة على نظافتها الشخصية، “إنه حرجٌ لا يُحتمل”.
قد لا يجد الرجال حرجاً في كثير من الأمور التي تكون حاضرة لدى النساء، وإلى أن تتمكن العائلات من ترك المخيم والسكن في بيت أسمنتي، أو العودة إلى بيوتهم الأصلية في بلدانهم، تخوض النساء معارك نفسية كبيرة كل يوم عنوانها الأبرز، انعدام الخصوصية.
أعدّت المادة شبكة الإعلاميات السوريّات برعاية الصندوق الكندي للمبادرات المحلية CFLI.
الرابط المختصر للمقال : https://wp.me/pemJm7-2tX